الأربعاء، 19 مايو 2010

مسودة الجريمة الثانية -جمعة الكترونية the bleeding ear

إن أقرب أداة على الإنسان من الممكن أن تكون هي نفسها الحد الفاصل في حياته وبكل بساطة الاداة القاتلة ويمكنك ان تتجه بخيالك لأبعد الحدود ، فالله قد كتب أقدارنا ولسنا هنا ننتظر المسدسات والحروب والكوارث إنما أي شيء يمكنه أن يقتلك

كما يبدو أن ابو سماعة اكثر فهما للغات في النهاية لكنه للاسف ليس بسلاستهم وذكائهم على اختراق المعلومات فهوايته لم تتعدى بضع جلسات مع رشيد في احدى مقاهي النت وبعدما شعر انه عالق في وسط تجاوز اصدقائه له، هّم بأن يقف فلم يعد يحتمل فكر قليلا بمصيره فإن لم يستطع ان يتجاوز احد في النهاية هنالك الكثير من اصدقائه لن يتجاوزوا بالمثل وهذا يعني ان مصيرهم واحد وفي النهاية الرابح سيكون احمد او امال او رشيد وكان يبدو له ان فوز احدهم امرا مفروغ منه ... وقف وشتم وصرخ "إذهبوا إلى الجحيم"... رد الصوت ضاحكاً:"نعم سنذهب لكننا نريدك ان تفحص الأجواء هناك قبل ذهابنا.."(يكمل ضحكه )

وإذ بحبال حديدية تنطلق لتمس برسغيه وتشد بقوة حتى التصق الجلد بالعظم


وارتفعت الحبال حتى السقف تحمل معها ابو سماعة بهلعه وصراخه الجنوني


لحظات واطفأت الانوار سكون غريب صدى مخيف لصوته .. يسمع صوت نقر على الأرض وإذ بدماء تتدفق من الأعلى يشيح بنظره للأعلى ليجد يداه تنزفان من رسغه  والاغلال تعصر رسغيه هدء نفسه قليلا فبكاءه كان يزيد الشعور بالالم ، لحظات ويخرج من الحائط شاشة صغيرة تبدو مثل عداد يظهر عليه ثلاث اصفار (000) .. جحظ ابو سماعة بالشاشة التي بدأت بالعد التصاعدي (1..2...3....) ويسمع فجاة صوت صفير خافت والاعداد تتوالى بسرعة متوازية وكلما صعدت الاعداد ارتفع الصوت الحاد الذي كان يحيط برأس ابو سماعة كالغيمة السوداء الملبدة "ماها الصوت .. اغلقوه .. هاي ..." ...
على الشاشة ( 40....50....60....) الصوت يزداد حدة وقد ادرك ابو سماعة ان الشاشة تقيس وحدة الديسيبل المرتفعة لدى الصوت في الغرفة وكأن لحظة الأها المتجلية له كانت اشبه بمشهد مرعب يمر في حياته " ارجوكم ... اوقفوه" تتسع حدقة عينه اكثر وتتسارع دقات قلبه بوتيرة مخيفة يحاول ان يسد اذنه بيداه لكنهما بعيدتان عن رأسه كثيرا يتلفت يمينا شمالا لا يستطيع ان يغلق اذنيه  (100...110....120...)لم يعد يسمع شيئاً (130..140..) ليته لم يشتكي من يداه فها هو راس يكاد ينفجر الماً وقلبه يكاد يخرج من جسده بخفقانه المتزايد..يصرخ ابو سماعة ظاناً انه سيسمع نفسه لكنه فقد سمعه بحاول ان يتكلم دون جدوى فليس هنالك صوت يتردد في رأسه بعد الان .. نظر حوله في ظلمة الغرفة وكان يبدو كالشبح الهلع الذي ينتظر مصيره  ... ابو سماعة الشاب الذي كان يملك حقيبته المدرسية وجهاز تسجيل في جيبه وكان يملك سمعه ... وبسمعه كان يعتقد أنه ملك كل شيء ... نعم هو يملك البصر أيضاً والشم واللمس والذوق .. فها هو لا يرى سوى جدران باردة وشاشة بارقام حمراء تتصاعد ولا يحس بشيء سوى سخونة الدماء النازفة من اذنية على رقبته وصدره ولا يشتم سوى رائحة الخوف والموت  

بقيت الاغلال  تشد على رسغيه حتى اخترقت لحمه وعظامه ايضا


اظنكم تعلمون ما اقصد وقع على الارض لكن هذه المرة بدون كفين ...


يداه تنزفان بشدة مرت دقائق ولم يبقى هنالك نبض


بعد ذلك وقع صريعا بموته البشع


رحمه الله ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق