الجمعة، 12 مارس 2010

راشيل والطفولة

قصتي اليوم عن الصحافية راشيل كوري التي اقامت المسارح ذكراها في بلدتي وعايشوا قصتها المؤثرة وهي تقف لتردع هدم بيت فلسطيني لكن ما كانوا ليتوقفوا وداسوا على جسدها ليمروا ويكملوا طريقهم .. لراشيل كوري اكتب هذه المرة…



راشيل كوري الفتاة الاميريكة التي استطاعت ان تضع حد لمهزلة الجيش الاعمى .. شابة علمتني امرا مهما .. وهي لا تدري ذلك… الامر مهم … عملتني راشيل ان ادفع نفسي للحقيقة بنفسي ان ارمي نفسي وسط واقع معاش دون تردد مسبق .. احتضنه اقبله اعشقه بلا توقف ثم اعالجه على مهل…راشيل دخلت لساحة الحقيقة ونظرت حولها فوجدت صحبتها وزملائها معها تسير برفقتهم في جولتها الممتعة …كانوا يخفونها باجسادهم المتراصة جدا حتى لا يتوهوا هناك ..حتى لا يلتطموا بأحد فيوقذوه من سبات المه لم تكن لترى جيدا مشهد الساحة .. لكنهم إن حجبوا البصر لن يقدروا حجب كل شيء ..فقد وصل صوت طفولي صارخ من وسط الساحة … يتوهج في اذهان واسماع الوجود ثم يختفي في سبات مؤلم . مخيف . تهلع راشيل منه تسأل عنه فينكرون يتغافلون او يجيبون بما لا يعون … فكرت راشيل بصمت ثم عاد صوت طفولي آخر قد ارتطم كثيرا بجدران جسد طفل فلم يسعه المكان فخرج قويا كبيرا منتصرا على كتلة اللحم الضعيفة هلعت راشيل فدست بجدسها النحيل اللين بين اقدام الحشد حولها وانسلت بجهد جهيد للخارج .. لم يصرخ احدا منهم منبها عليها ولم ينظر احد لها .. اكملوا سيرهم حول الساحة يمشون بحذر على طرفها .. وكذلك هي لم ترهم ولم تستدر لتودعهم ..هرعت بشجاعة وجرأة نحو الصوت ظلت تتبعه حتى التوى في طريق ضيق....وزقاق نتن رطب تجانبه القمامات والجرذان والحشرات من كل نوع مشت راشيل بلا اكتراث تتبع الصوت.. ضاق الطريق .. فاسرعت راشيل في سيرها علها تخفي ظنها بأنها ستهرس جسدها بين تلك الجدران .. وفي هبة الجنون تلك تبدد كل شيء في لحظات مشت هذه المرة ببطئ شديد تنظر إلى الجدران كأنها تراها لاول مرة بعد ذلك السير الطويل تأملت بعمق ولامست الجدران واقتربت لتشم رائحتها الرطبة ابقت يدها على الجدار ومشت ببطئ كعروس تتجلى بطهارتها وجلالها… كالملائكة تماما.. تشعر راشيل بإرتطام النتوءات وقسوتها وخشونتها تقرحت يداها واحمرت اصابعها لكنها استمرت تمسح كفها الرقيق الناعم فوق ذلك الاسمنت لغاضب المؤلم .. كانت تدرك انها ما هي إلا بداية وان الجدار سيستمر ويستمر وان الزقاق طويل ورائحته تزداد نتانة وعفانة ورطوبة .. والصوت يزداد اختناقا والطفل ما عاد ليحتمل اكثر فالصوت استعمره واستوطن في كل نبض وكل نفس ..اصبحت يد راشيل لهيب يقطر دما يلون فتور الجدار...يفشي رائحة جديدة الى المكان ويضيف حزنا آخر .. صرخت راشيل مع الصوت فأصبحت تجيب صراخه تحاوره تصل لجوفه وهو يفعل مثلها امتزجت معا تصاعدت الى السماء تكللت تتوجت تزينت بالطفولة بالطهارة بالحقيقة بالبصيرة.. وانتهت.....